منتديات العرب لكل العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 نقد كتاب العزائم والرخص

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
رضا البطاوى
عضو ذهبي
عضو ذهبي



ذكر عدد الرسائل : 807
العمر : 56
الدولة : مصر
السٌّمعَة : 10
نقاط : 14607
تاريخ التسجيل : 28/05/2010

نقد كتاب العزائم والرخص Empty
مُساهمةموضوع: نقد كتاب العزائم والرخص   نقد كتاب العزائم والرخص Empty2021-06-18, 14:36


نقد كتاب العزائم والرخص
الكتاب تأليف عبد العزيز الطريفي وموضوعه كما هو ظاهر من العنوان الواجبات والرخص وتحدث الطريفى عن يسر الدين وسهولته فقال"
"أما بعد فإن الله سبحانه وتعالى قد جعل هذا الدين دين يسر وسهولة, ولهذا قال النبي (ص): (إن هذا الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) , وقد جاء في ذلك من الآيات ومن الأحاديث عن رسول الله (ص) شيء كثير جدا ويكفي أن الأصل المتقرر أن الله سبحانه وتعالى ما جاء بهذا الدين, وأنزل كتابه العظيم على نبينا محمد (ص), وجعل الأوامر والنواهي إلا رحمة بالناس, وشفقة عليهم, ومقتضى الشفقة والرحمة هو أن يكون الدين يسيرا سهلا, واليسر والسهولة مآلها ومردها إلى إدراك أصحاب الفطر السليمة, وليس الشاذة، ومن نظر إلى الآيات من كلام الله سبحانه وتعالى, وكلام رسول الله (ص) في هذا الباب؛ وجد شيئا كثيرا مما لا يمكن للإنسان أن يحصيه في كتاب ومن ذلك ما قاله الله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقول الله جل وعلا: وما جعل عليكم في الدين من حرج [وما جاء عن رسول الله (ص) من أحاديث كثيرة, منها ما رواه البخاري من حديث سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله (ص) قال: (إن هذا الدين يسر, ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) ومن ذلك أيضا ما رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله (ص) قال: (إن الله لم يبعثني معنتا ولا متنعتا, وإنما بعثني ميسرا) , وكذلك ما رواه الإمام مسلم من حديث جابر بن عبد الله: (أن خذوا برخصة الله التي رخص لكم).وكذلك ما رواه الإمام أحمد في مسنده, بنحو حديث جابر بن عبد الله وفيه: (إن خير دينكم أيسره) , وذلك لرجوعه إلى الأصل العظيم, وهو اليسر, وعليه بنيت الشريعة, وإليه مآل سائر الأحكام, وإن خالف في ذلك بعض أصحاب الأضواء وأصحاب النظر البعيد عن الشرع, باتهام تكاليف الشرعية بأنها شاقة, ويكفي في ذلك قول الله سبحانه وتعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها."
وكلام الرجل صحيح إلا رواية (إن خير دينكم أيسره) لأن الدين ليس فيه خير وشر فديننا كله خير كما قال تعالى " قالوا ماذا أنزل ربكم خير" وقال"ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم"
ثم حدثنا عن كمال الدين فقال:
"شريعة الله جاءت كاملة, متكاملة لا نقصان فيها, كاملة من جميع الوجوه باشتمالها على سائر الأحكام الشرعية من غير نقصان, وكذلك بتحقيق سائر المقاصد, والشرع ما ترك مقصدا من المقاصد العظيمة إلا وقد جاء بتتميمها, ويدخل في هذا كله قول الله سبحانه وتعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا
شريعة الله أصلها التيسير, ولما كان الإنسان هو الذي ينظر إلى التكاليف وإليه مرد المشقة والتيسير, كان الإسلام دين الفطرة, وهي التي فطر الله عز وجل الناس عليها, كما قال الله جل وعلا: فطرة الله التي فطر الناس عليها , وكما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة: (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه) , وهذا أصل التسهيل والتيسير في دين الله؛ وذلك أن فطرة الله التي فطر الناس عليها موافقة للنصوص, وهذا أعظم التيسير؛ أن يأتي التكليف موافقا لرغبة الإنسان وفطرته, فلا يكون فيه كلفة, وهذا معلوم ملموس ويكفي في هذا قليل من إمعان النظر لإدراك حكمة الله عز وجل في جعل أوامر الشرع موافقة لفطرة الإنسان, فكان التكامل في هذا علامة ظاهرة ليسر هذا الدين وكماله وعدم مشقته؛ ولهذا نفى الله عز وجل المشقة على الإطلاق: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها "
وما قاله صحيح والخطأ فى كلامه هنا الرواية والاستدلال بها على وجود فطرة فى نفوس الناس وهو كلام منافى للحقيقة وهى ولادة كل الناس وهم جهلة بكل شىء لا علم لهم بخير أو شر وفى هذا قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ثم حدثنا عن الحكمة من التشديد في المنهيات أكثر من المأمورات فقال:
" الحكمة من التشديد في المنهيات أكثر من المأمورات في الشريعة"
من نظر إلى الشريعة الإسلامية من جهة الإجمال وجد أن الشريعة تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مأمورات والقسم الثاني: منهيات, ويدخل في المأمورات ما كان على وجه الإلزام والتأكيد, وما هو دون ذلك, وكذلك المنهيات، يدخل فيها ما كان على سبيل الإلزام والتأكيد, وما هو دون ذلك.
ويخرج من هذا -على قول بعضهم- الأصل؛ وهو ما كان أصله الإباحة, فهذان الأصلان: المنهيات, والمأمورات, من نظر فيهما وجد أن عليهما تدور أحكام الشرع"
الخطأ فى التقسيم هو أن المأمورات نوع واحد بينما هما على نوعين
الأول مأمورات إجبارية فهى حكم واحد يجب تنفيذه كالصلاة
الثانى مأمورات اختيارية حيث يخير الله فيها المسلم بين فعلين أو أكثر مثل تخيير أهل القتيل فى القصاص والعفو بلا دية والعفو بدية كما قال سبحانه:
"يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم القصاص فى القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفى له من أخيه شىء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم
ومثل تخيير أهل المطلقة أو المطلقة قبل الدخول برد نصف المهر أو رد المهر كله كما قال سبحانه
"وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذى بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى"
وتحدث عن كون المأمور فيه كلفة ومشقة والمنهى ليس فيه فقال:
"وكذلك في حال المقارنة يجد الإنسان أن الله عز وجل قد أكد النواهي وشدد فيها أكثر من تشديده على المأمورات؛ وذلك أن المأمور يلزم منه تكلفة ومشقة, بخلاف المنهي, فإنه لا يلزم منه تكلفة ومشقة, فإن الإنسان الأصل في فطرته العجز, والله عز وجل قد وهبه القدرة, فلما كان النهي يقتضي الامتناع والكف, وهو الموافق لحال الإنسان من غير هبة الله عز وجل له القدرة, كان النهي أشد من هذا الباب؛ لكون التيسير فيه أظهر وأبين, بخلاف المأمور فإنه يلزم له القوة والإدراك, وكذلك التكليف, فكان حينئذ الأمر من جهة الشرع أهون بالنسبة للمنهيات, وهذا ظاهر, فإن من نظر إلى الآي من كلام الله سبحانه وتعالى, وكلام رسول الله (ص), وجد هذا ظاهرا لهذا يقول النبي (ص): (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم, وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه) , فأكد على الاجتناب, وعلق الأمر بالاستطاعة في الأمر؛ لأن الأمر في قوله (ص): (إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم) يقتضي كلفة ومشقة فضلا عن الأصل الذي خلق عليه الإنسان وهو العجز وأما النهي فإنه يجب على الإنسان أن ينتهي عنه جملة؛ لأن الأصل في حاله العجز, فكانت المنهيات في الشرع آكد وأشد تأكيدا من المأمورات, وعليه يقال: إنه ينبغي للعالم والمفتي أن يؤكد في جانب المنهيات أعظم وأشد من المأمورات؛ وذلك لأن الغالب أن المأمورات تتعلق بها المصلحة الأخروية وإن وجد شيء كثير مما يخالف هذا, وأما المنهيات, فتتعلق بها المصلحتان: المصلحة الدنيوية والأخروية, وهذا ظاهر؛ ..وهذا معلوم قد نص عليه قد غير واحد من الأئمة عليهم وقد جاء ما يدل على هذا الأصل من كلام الله سبحانه وتعالى, وكلام رسول الله (ص).
لهذا كانت حماية جناب الشريعة من المهمات العظيمة, فاحترز الشرع في باب المنهيات أعظم من احترازه في باب المأمورات؛ حفاظا على مصالح الناس, وكذلك حفظا للضروريات الخمس, ..ومن أراد أن يتفقه في دين الله: الاحتراز في الفتوى من القول على الله عز وجل بلا علم؛ لأنه موقع عن الله, وموقع عن رب العالمين, وكأنه قد نصب نفسه مقام المشرع (ص), فكان مقامه من أعظم المقامات وأشدها في الدين, فوجب عليه الاحتراز"
وكلام الطريفى خطأ عن كون المشقة فى المأمورات فقط فالمشقة والكلفة فى الاثنين المأمورات والمنهيات وكلاهما فى وسع المكلف كما قال سبحانه"لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" وأمامنا منهى عنه كالخمر لو كان التخلص منه سهلا ما تم التدرج فى تحريمه من تحريمه قبل الصلاة بمدة إلى تحريمه كاملا
والخطأ الأخر تعلق المأمورات بالمصلحة الأخروية والمنهيات بالدنيوية والأخروية وهو كلام غير صحيح فمثلا الأمر بالجهاد فيه مصلحة دنيوية متعددة للمسلمين منها الغنيمة ومنها شفاء الصدور فى الدنيا ومنها إذلال الكفار كما قال تعالى"قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين ويذهب غيظ قلوبهم"
ثم حدثنا عن أهمية أخذ العلم ممن قرب من فترة الوحي فقال:
"أهمية أخذ العلم ممن قرب من فترة الوحي:
لهذا كان المرد والمآل في سائر النصوص إلى كلام الله وكلام رسول الله (ص) لا إلى كلام غيره, وقد كان السلف يشددون في النقل عن غير الصحابة عليهم فيأمرون بالأخذ بكلام الله, وكلام رسول الله (ص), وكلام الصحابة عليهم ويحذرون عن الأخذ عمن دونهم؛ وذلك أنه ينبغي للإنسان أن يأخذ عمن قرب من الوحي لهذا قال الإمام أحمد -وكذلك قال الأوزاعي- قال: العلم كلام الله, وكلام رسول الله (ص), قال: واكتبوا قول الصحابة, ونهى عن كتابة قول التابعين؛ وذلك أن الخطأ والوهم والغلط يقع فيهم أكثر من الصحابة, وكلما تباعد الناس عن الوحي كلما وقعوا في الوهم والغلط؛ ولهذا كلما جاء قرن بعد قرن, أمروا بأن يكتبوا عمن كان قبلهم, ولا يكتبوا عمن كان في عصرهم؛ لأنه كلما تأخر الناس زمنا كثر الفساد في الأرض, وكثر القول على الله عز وجل بلا علم, فوقعوا في الخطأ والزلل, وفيما يخالف أمر الله عز وجل, ويخالف نهيه ولهذا كان ابن شهاب الزهري -وهو من متأخري التابعين- يكتب أقوال الصحابة ويترك أقوال التابعين, وخالفه صالح بن كيسان في ذلك, فكان يكتب أقوال الصحابة, ويكتب أقوال التابعين, فلما كان في القرن السابع كما يقول الحافظ ابن رجب عليه : كان متحتما على من رام علما أن يكتب أقوال الصحابة, وأقوال التابعين وأتباعهم, وأقوال الأئمة, كالإمام أحمد والشافعي وإسحاق وأبي عدي وغيرهم. وهؤلاء بأقوالهم يتبين للإنسان معرفة الحق والصواب من الباطل والخطأ؛ وذلك أنه بأقوال هؤلاء الأئمة يعرف الأدلة؛ لأنهم أصحاب نور وهداية وتمسك بالوحي؛ لهذا كان العلماء يجعلون من شروط المفتي أن يكون عارفا عالما بالخلاف, عالما بأقوال العلماء على تباين أحوالهم, وقد جعل هذا شرطا في المفتي غير واحد من الأئمة, كالإمام أحمد وكذلك ابن مهدي و ابن المبارك و الخطيب , وغيرهم من الأئمة, قالوا: إنه لا يتأهل المفتي للفتوى حتى يكون عالما بأقوال الناس.
وقد سئل الإمام أحمد عمن لديه السنة عن رسول الله (ص), ولكنه لا يعرف الصحيح من الضعيف, ولا يعلم أقوال الناس, هل يفتي؟ فقال: لا، وإنما يسأل أهل العلم, وكأنه ما جعله من أهل العلم, حتى يعرف الصحيح من الضعيف من هذه السنة, وكذلك يميز بين أقوال العلماء المتشدد منهم والمتساهل ولما بعد الناس عن هذه الأصول, ...ولهذا ربما كثر عند بعض الناس القول بالشاذ والإفتاء به, ومخالفة الدليل من غير سبب, وهذا لا شك أنه قد اجتمع فيه كثير من الشر, بقدر اجتماع الشاذ من القول فيه."
وما قاله الطريفى عن الأخذ ممن قرب من زمن الوحى كلام خاطىء فالأخذ إنما هو بالنص وهو وحى الله فلا يجوز الأخذ سوى بكلام الله سواء فى القرآن أو فى الذكر وهو تفسير القرآن المبين للقرآن كما قال تعالى "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"
ففى كتاب الله القرآن والذكر المفسر له حكم كل شىء كما قال سبحانه" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"وهو ما يناقض قول الرجل فى فقرة قادمة:" وشريعة الله مآلها ومردها إلى الكتاب والسنة, وليس إلى قول فلان من الناس" ثم حدثنا الرجل عن الزلل فى الفتوى فقال:
" أسباب الزلل في الفتوى وأخذها:
وكثير من الناس يقع في الوهم والزلل وعدم الإدراك للصواب, فيأخذ بطرق يظن أنه على الحق فيها, والزلل الذي يقع عند المفتين, وكذلك من ينصب نفسه مكان المشرع, ويفتي في شرع الله بأقوال عباده ويتنكب الدليل, والمزالق في ذلك كثيرة, لكن ليست كلها بسبب سوء النية, أو التعدي على الشرع, أو النظر في الترخص والمباحات، لا, ولكنه يكون بعضها بالجهل, ... لعدم معرفته بالصحيح من الضعيف من السنة, ومن كانت حاله هذه فليس أهلا للفتيا, حتى يميز صحيح الأثر من ضعيفه وقد نص على هذا غير واحد, بل حكموا بأن من كان حاله على هذه الحال أنه لا يجوز له أن يفتي, ويجب عليه أن يسأل أهل العلم العارفين بالصحيح من الضعيف من كلام رسول الله (ص), وقد نص على هذا ..أنه إذا كان العالم لا يملك آلة التصحيح والتضعيف, ولا يميز الصحيح من ضعيفه, فهذا ليس أهلا للفتيا, وهو داخل في دائرة العوام من جهة التقليد, وهو مقلد لا غير وكذلك أيضا من المزالق التي تجعل القول الشاذ يرويه كثير من الناس أو العامة, عدم العناية بالقول الصحيح؛ لأن طالب العالم حال طلبه للعلم يحاول التماس الراجح من أقوال الفقهاء, ...وكذلك عدم التوسع في معرفة الخلاف, ...وكذلك أيضا من مواضع الزلل عند المفتي في مخالفة النص, أن المفتي ربما يجهل حال البلد الذي استفتي منه, ...والأمثلة على ذلك كثيرة, فربما سئل مفت من المفتين عن مسألة خضاب الرجل, وهل يجوز أم لا؟ فربما أفتى بأنه لا يجوز؛ لأنه تشبه بالنساء؛ لأن النساء في بلده يخضبن والرجال لا يخضبون، ولكن في كثير من البلدان الإسلامية ربما الرجال يخضبون أكثر من النساء, فإذا كان العالم يعلم حال ذلك البلد التي قد استفتي فيها, فإنه يكون على بينة, ولا يحدث قولا يحمل على الشرع, فيخالف الأصل الذي قدره الشارع وهو تعليق الأمر على تلك العلة التي علق الشارع الأمر بها "
والمثال الذى ضربه الطريفة على تغير الحكم بسبب البلد خطأ وهو إباحة الخضاب حسب ما يفعله عامة أهل البلد وهو ما يخالف أن كل تغيير لخلقة الله هو استجابة لقوله الشيطان"ولآمرنهم فليغيرن خلق الله" ومن ثم الخضاب محرم فى كل البلاد والأحوال إلا أن يكون علاجا لمرض ,اما أحكام البلاد المخصوصة فمعظمها متعلق بمكة والقليل جدا متعلق بما يسمونها المناطق القطبية ثم قال:
"ومن ذلك أيضا ما يتعلق بلباس الناس, من جهة التشبه ومن جهة الألوان, فربما يسأل العالم عن لباس المرأة, ولون لباسها ونحو ذلك, كأن تكون المرأة تخرج بعباءة خضراء, أو عباءة صفراء, أو عباءة بيضاء ونحو ذلك, فيقول بعدم الجواز, ولا يعلم حال المستفتي ولا حال بلده وذلك لقوله أن الرجال يلبسون البياض, وأن النساء قد اختصصن بالمباينة, وحال ذلك البلد أن الرجال والنساء لا يفرق بينهم من جهة لون اللباس, والواجب الستر, فحينئذ يقال: إن الشارع لم يخصص لونا بعينه, ولكنه إذا وجد في بلد أن الرجال قد امتازوا بلون, والنساء قد امتزن بلون, فإنه يحرم على النساء أن يلبسن ألوان الرجال, ثم يفتي بأنه يحرم على المرأة أن تلبس اللباس الأبيض؛ لأنه من اختصاص الرجال في بلده.
وأما البلد الآخر الذي منه المستفتي, فيجاب بحسب معرفة الحال؛ لهذا يقول ابن تيمية وإنما وقع الخلاف في الشرع ومنهم من يعلم الدليل من الكتاب والسنة, ويجهل السياسة الشرعية, ومنهم من يعلم السياسة الشرعية, ويجهل الأدلة من الكتاب والسنة, فهذا يدعى إلى التماس الدليل, وذاك يدعى إلى التماس السياسة, الشرع حينئذ, والعالم لا يمكن أن يكون عالما شاملا متأهلا, حتى يكون عالما بالكتاب والسنة, متأهلا للفقه في السياسة الشرعية"
وما قاله الطريفى هنا اعتمادا على أقوال الفقهاء إنما خبل فالحرمة لا تتعلق بلون ولا بعادات أهل البلد وإنما تتعلق بأحكام الله فالحرام ما حرمه الله وليس ما حرمه الناس وإلا ما هو الفرق بيننا وبين الكفار عندما قالوا " "ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون" ثم حدثنا عن واجبات المفتى فقال:
" ما يجب على من تصدر للفتوى:
ولهذا الواجب على المفتي أن يكون فاهما, والفهم على نوعين كما قال غير واحد من العلماء, أن يكون فاهما للدليل, وأن يكون فاهما لحال المستفتي, وهذا قد نص عليه الأئمة في قرون طويلة, وقد ذكر الإمام أحمد بن حنبل أن المفتي لا يمكن أن يؤهل للفتوى, حتى يكون فيه خمس خصال:
الخصلة الأولى: أن يكون صاحب نية وورع, فإنه إن كان فيه نية كان في وجهه نور, وإن كان في وجهه نور, كان على كلامه نور.
الخصلة الثانية: أن يكون صاحب علم وحلم ووقار وسكينة.
الصفة الثالثة: أن يكون قويا وقادرا فيما هو فيه.
الصفة الرابعة: أن يكون صاحب كفاية, وإلا مضغه الناس.
الصفة الخامسة: أن يكون عالما وعارفا بأحوال الناس, خاصة فيما يتعلق بالأحكام الشرعية التي هي منوطة بعلل, ...وشريعة الله مآلها ومردها إلى الكتاب والسنة, وليس إلى قول فلان من الناس, ومن نظر إلى حالنا في هذا العصر, وجد أننا أحوج ما نكون إلى إعادة الناس إلى الكتاب والسنة, والنهل من فقه السلف من الصحابة والتابعين, بعيدا عن التمسك بأقوال الفقهاء من البلد الفلاني والبلد الفلاني, ومن نظر إلى العلماء الذين تكلموا في المقاصد الشرعية, كالإمام الشاطبي وجد من تتبع شواذ أهل العلم ورخصهم قد خرج عن الإسلام.
ويقول سليمان التيمي: من أخذ بأقوال العلماء التي قد خالفوا فيها الدليل, وأخذ من كل عالم ما وافقه, فقد اجتمع فيه الشر كله, أي أنه قد قلب الأصول الشرعية"
والكلام هنا متناقض فالرجل أفتى بعدم الأخذ بأقوال الفقهاء فقال "وشريعة الله مآلها ومردها إلى الكتاب والسنة, وليس إلى قول فلان من الناس"ومع هذا الفقرة كلها عن الأخذ بأقوال المفتين وهم فقهاء والكلام المنقول عن ابن حنبل خاطىء فشرط المفتى العلم بفهم فقط لأنه متى كان عالما فقد ورع ثم تحدث الطريفى عن الأصول الشرعية في الفتوى فقال:
" الأصول الشرعية في الفتوى وأخذها:
الأصل في الشرع أن الشرع هو الحاكم, والهوى محكوم, ولكن هذا قد قلب هذه السنة وهذا الأصل, فجعل الهوى حاكما والشريعة محكومة, وما التمس الدليل, وإنما أخذ الأيسر.
الأصل الثاني: أن وجود أقوال العلماء في مسألة من المسائل لا يعني منه وجود دليل لهذا القول, وأنه يسوغ للإنسان أن يأخذ به, فربما أفتى هذا العالم في مسألة برأيه؛ لأنه لا يعلم حديثا في المسألة, فإذا علم الدليل خالف قوله؛ ولهذا روى البيهقي في المدخل من حديث حماد بن زيد عن المثنى عن أبي العالية قال عبد الله بن عباس: ويل للناس من عثرات العلماء, قالوا: وما ذاك؟ قال: يفتي العالم برأيه, فإذا علم الدليل ترك رأيه, يعني أنهم يأخذون برأيه قبل معرفة الدليل, فإذا التمس الدليل أخذ الدليل وبقوا على رأيه الذي قد أخذوا به...
الأصل الثالث: أن الإحاطة بمعرفة الأدلة من الكتاب والسنة, وإدراك أحكام الشريعة ليست لأحد, وأنه ما من أحد إلا ويند عنه من أحكام الشريعة ما يند؛ ولهذا الصحابة عليهم رضوان الله تعالى, قد وجد فيهم من خالف الدليل صراحة...
الأصل الرابع: أن الدليل الوارد في أن الحاكم إذا اجتهد فأصاب فله أجران, وإذا أخطأ فله أجر واحد, لا يعني معه تعدد الحق, بل إن الحق واحد لا يتعدد, وهذا قد حكى الإجماع عليه, ...وقد ذهب جماعة من المعتزلة كأبي حامد الغزالي و أبي بكر الباقلاني و الآمدي وغيرهم, إلى أن الحق يتعدد بحسب أقوال المجتهدين, وهذا قول منقوض عقلا وشرعا.
أما من جهة الشرع فظاهر بين, أن الشريعة جاءت بأحكام شرعية, لا يمكن أن يتعدد الأمر فيها, خاصة أنه لا يمكن أن يفعل الإنسان شيئا ويفعل ضده...
الأصل الخامس: أن العامي حينما يعلم أن العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة, يجب أن يلتمس قول الأعلم, ومن جمع بين العلم والورع, وفاق غيره في هذا الباب....
الأصل السادس: أن الأخذ بالتراخيص من أقوال العلماء, وجمعها في مسألة واحدة, هذا الجمع لا يمكن أن يقول به أحد من العلماء, بل هو من أعظم المخاطر, ومن أعظم الزلل؛ وذلك أن بعض العلماء في مسألة من المسائل يقول بعدم الأخذ بشرط من الشروط, والقول ببقية الشروط, والمجتهد الآخر قد يسقط شرطا آخر, والأخذ بقول كل عالم بإسقاط شرط قد لا يبقي للإنسان شروطا في هذه العبادة, وهذا ما يسميه العلماء بتتبع الرخص وهو أخطر من الترخيص, والمبالغة في ذلك وتتبعه:
وما قاله الرجل كله من أصول خارج على الشرع عدا الأصل الأول وهو تحكيم الشرع فواجب المفتى الأول والأخير هو بيان الحكم مع الدليل من الوحى وهو ما سماه العلم فغير العالم يسأل العالم كما قال تعالى " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" ثم حدثنا عن الأخذ برخص العلماء فقال:
"أحكام الأخذ برخص العلماء:
الترخيص باصطلاح الفقهاء من الأصوليين وغيرهم, وهو الأخذ بالأيسر ونحو ذلك, الأصل فيه عدم الجواز, وقد بالغ كثير من المتأخرين بالترخيص في ذلك, وتجويزه من غير النظر في الدليل.
... حكم الأخذ برخص العلماء من غير نظر في الدليل
ولكن مما يجب معرفته أن الأخذ بالرخص من غير نظر للدليل لمن كان يملك الدليل أنه محرم؛ لعلل كثيرة:
أولها: أن فيه الرد إلى غير الله عز وجل, وإلى غير رسوله, والله عز وجل قد أمر عند التنازع بالرجوع إلى الكتاب والسنة, وهذا مخالف لأصل التشريع, وأصل الاتباع.
الأمر الثاني: أن الأخذ بالترخيص فيه خلع لربقة التكليف عن العبادة, فإذا كان للإنسان أن يأخذ بتكليف فلان, وتكليف فلان, لم يبق للشرع قيمة.
الأمر الثالث: أنه إذا قيل بالترخيص في مسألة من المسائل على الإطلاق, من غير تقييد بشروط, وأنه لا يمنع من أن يؤخذ برخصة أخرى, وثالثة ورابعة بدون حد في هذا, فهذا من أعظم الشر وأوبقه.
... شروط الأخذ برخص العلماء
ولكن بعض العلماء ربما أخذ بالترخيص, ويسر أمره, وهون جانبه إذا توفرت فيه شروط عدة, ذكروا منها:
الأمر الأول: ألا يخالف ذلك دليلا صريحا, ولا يكون هذا القول الذي قد قيل به شاذا.
الأمر الثاني: أن يكون الأخذ بهذا الترخيص المخالف للدليل أو للقول الراجح فيه دفع لمشقة أمة, ومشقة جماعة أو مشقة أفراد.
الثالث: ألا يخالف أمرا مجمعا عليه, فإذا خالف الإجماع, فلا يجوز الأخذ به.
الرابع: ألا يكون فيه مخالفة لما رفع الإمام فيه الخلاف, ومعلوم أن الإمام في كثير من الأحكام الشرعية يرفع الخلاف, فالأخذ بالترخيص في هذه المسائل لا يجوز.
الأمر الخامس: أن يجد الإنسان في قلبه طمأنينة إلى الركون إلى هذا القول في مثل هذه الحال, فإذا لم يجد طمأنينة في قلبه فليعلم أن هذا من أجود القرائن عند العالم في مخالفة الحق وعدم التوفيق للصواب..."
وكل ما كتبه الرجل عن الأخذ برخص العلماء باطل فإنما هى رخص الله فلا ينبغى للمسلم أن يعمل إلا برخصة قررها الله كالافطار فى السفر والمرض وأكل الحرام عند الاضطرار ومن ثم فلا رخصة إلا بنص كأى حكم فى الإسلام وقد تحدث الرجل عن أن الفقيه ابن دقيق العيد ألف كتابا فى شواذ الفتاوى جمعها من كتب كبار العلماء ولكنه حرم نسبتها لهم حتى لا يعمل أحد بها لأنها حللت ما حرم الله وحرمت ما حلل فقال:
"وقد ألف ابن دقيق العيد مصنفا جمع فيه ما خالف فيه الأئمة الدليل صراحة, ثم قال في مقدمة كتابه: ويحرم نسبة هذه الأقوال لهؤلاء العلماء, ولا يوجد عالم من العلماء إلا وقد خالف ظاهر الدليل, وهو معذور بمخالفته تلك؛ لأنه قد بذل وسعه وجهده في التماس الصواب, فقال بهذا القول, ... كذلك أن مخالفة العالم الذي خالف الدليل ليست مسوغا للإنسان لأن يخالف الدليل وهو ظاهر لديه, ويعلم الحق, فيقول بقول فلان, فربما كان فلان معذورا بأخذه بهذا القول, وأنت لست بمعذور, ويكفي في هذا أن الإنسان إن أخذ من فلان بشاذ قوله, وأخذ من فلان بشاذ قوله ونحو ذلك أنه قد اجتمع فيه الشر كله, ..وقد نظرت في الكتب الفقهية في المذاهب الأربعة, وكذلك مذاهب السلف من الصحابة والتابعين, فوقع لي من ذلك شيء كثير, بل مئات المسائل قد قال بها من الأئمة الأجلة من الصحابة والتابعين, قالوا بأقوال تخالف صريح الكتاب وصريح السنة, وهم معذورون في ذلك, ويحرم بالإجماع اتباعهم في مثل هذه الأقوال؛ وذلك أنه لا يوجد عالم إلا وله زلة..."
وكما قلت ينبغى على المسلم ألا يأخذ بفتوى إلا بنص من الوحى وعلى المفتى صغر أو كبر أن يفتى بالنص فإن عجز أحال الفتوى لغيره أو سكت عن الافتاء ثم حدثنا عن حرمة الإصرار على ألأخذ بالفتاوى الشاذة فقال:
"ترك التشبث بأقوال العلماء الشاذة:
وأقوال العلماء لا يجوز للإنسان أن يتشبث بها, وهم معذورون فيها, كذلك يجب أن يعلم أن الإنسان إن أخذ بشواذ العلم من فلان وفلان, وترك ظواهر الأدلة, أنه قد اجتمع فيه الشر كله, وما أحسن ما قاله بعضهم:
الشافعي من الأئمة قائل اللعب بالشطرنج غير حرام
وأبو حنيفة قال وهو مصدق في كل ما يروي من الأحكام
شرب المثلث والمربع جائز فاشرب على أمن من الآثام
وأباح مالك الفقاح تكرما في ظهر جارية وظهر غلام
والحبر أحمد حل جلد عميرة وبذاك يستغنى عن الأرحام
فاشرب ولط وازن وقامر واحتجج في كل مسألة بقول إمام
هذا إذا أراد الإنسان أن يكون فقها وأدلة من شواذ أقوال العلماء, وقد وقع هذا في أقوال العلماء المعتبرين:::"
وكما سبق أن قلت فى كتب عديدة ليس كل ما كتب فى تاريخنا صحيح وإنما معظمه كذب وافتراء والقصيدة السابقة جمعت شواذ الفتاوى للكبار وبالقطع قد لا يكون أفتووا بشىء منها وإنما نسبت إليهم كذبا وزورا لأنها إخلال بالشرع كله ثم حدثنا الطريفى عن إظهار الرخص للعوام فقال:
"حكم إظهار الرخص للعوام
ومما ينبغي فهمه وإدراكه أنه ينبغي للعالم أن يحذر من إظهار الرخص للعوام, والدلالة عليها, وإن كان الدليل قد جاء بها؛ لأنها ربما تصد الناس عن العمل بدين الله, والعمل للآخرة والإكثار من العمل الصالح وقد روى البخاري و مسلم من حديث معاذ بن جبل أن النبي (ص) قال له: (من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة, قال معاذ بن جبل: يا رسول الله! ألا أخبر الناس؟ قال: لا تخبرهم فيتكلوا) , فإذا غلط الرجل عند كلامه على هذا الحديث, قال: وفي هذا الحديث دلالة على أنه ينبغي للعالم ألا يكثر من الرخص في دين الله؛ لكي لا يثبطهم عن العمل, وهذا ظاهر, ولا يعني للعالم أن يمسك عن إظهار دليل؛ لأن من يمسك عن إظهار دليل يكون قد كتم من دين الله, ولكنه قد عمل بمقصد أسمى, هو خير لذلك."
وكلام الطريفى خطأ فالرخصة إن كان منصوصا عليها فى الوحى فيجب إظهارها لأنه كتم لكلام الله وكتم كلام الله حرام وأما الرخص التى ليس عليها نص من الوحى فيحرم قولها لأحد لأنه إضلال له وصد عن سبيل الله ثم حدثنا عن معرفة حال السائل وميله لطلب الرخصة فقال:
"معرفة حال السائل وميله لطلب الرخصة:
ومما ينبغي أيضا فهمه وإدراكه أنه ينبغي للعالم أن يحذر حال سؤال المستفتي عن مسألة ما, فربما كان المستفتي يطوع العالم أن يقول بمسألة من المسائل بخلاف ما يريد, سواء بإظهار المفاسد في قول ما, أو بإظهار المصالح وإبرازها ونحو ذلك, وهذا هو الباحث عن الترخص, فإذا علم العالم من حال السائل هذا, فإنه ينبغي أن يغلب جانب التشديد عليه, خاصة إذا لم يكن مضطرا ولهذا يقول أبو الوليد الباجي: وقد كان الناس كثيرا ما يأتونني ويسألونني عن قول, فأفتي فيه بظاهر الدليل, فيقولون: لعل فيه رواية, أو لعل فيه قولا آخر, يريدون مخالفة الدليل بما يوافق أهوائهم, وهذا مما يجب على المفتي والعالم أن يحترز منه في هذا الباب."
والمراد أن الفتوى تكون على النص وليس على حسب هوى السائل وحذر الطريفى فى الفقرة التالية من ذلك فقال:
"التحذير من الفتوى مجاراة لرغبة الناس
كذلك أيضا مما ينبغي فهمه أن الإنسان إذا كان يأخذ بقول عالم من العلماء, ويأنس إليه, فإذا أفتى بقول يخالف ما يحتاجه الإنسان, أنه لا يسوغ له أن يخالف هذا العالم؛ لأن هذا مظنة هوى؛ وذلك أنه ما التمس غير هذا العالم, إلا لما خالف ذلك القول الذي أراد خلافه, وهذا به يمتاز أهل الورع والديانة والتثبت والتماس رضا الله عز وجل, والبعد عن الرخص, إذا علم الإنسان ذلك علم أهمية الاحتياط لدين الله, والاحتياط كذلك لذمم الناس, وأن الشريعة لما وصفها الله عز وجل بالتيسير, لا يعني الإنسان أن يأخذ الأرخص بالإطلاق من الأقوال, وأنه يسوغ له أن يقول بقول من قال بالجواز على الإطلاق ونحو ذلك وقد توسع كثير من المتأخرين في هذا, فمن نظر إلى أحوال من ينتسب إلى العلم, خاصة من خالط المجتمعات التي فيها إعراض عن دين الله وجد أن هذا الواقع ربما أثر على هذا العالم بالتماس الأقوال المرخصة, والأقوال اليسيرة ونحو ذلك, وربما أثر عليه وجعله يلتمس الأدلة تطويعا لأقوال هذا المجتمع من حيث لا يشعر, وهذا ما يسميه العلماء ضغط الواقع على المفتي, أن يلتمس أقوالا من حيث لا يشعر, يريد أن يساير هذا المجتمع ونحو ذلك.
أولا: يقال: إن المجتمعات لا تحكم الشريعة؛ ولذلك رسول الله (ص) جاء بيئة جاهلية, فحكمها بأمر الله سبحانه وتعالى, وجعلها خاضعة لأوامره وحكمه, وما جعل هذا المجتمع كله حاكما لشريعة الله سبحانه وتعالى,..
كثير من الناس يجعل المقاصد الشرعية من دفع المفاسد ودفع الضرر وجلب المصالح ونحو ذلك, يجعلها هادمة للأدلة, ونسي أن الأدلة الشرعية من الأوامر والنواهي, ما جاءت إلا تسليما لهذه المقاصد العظمى, سواء علم الإنسان أو لم يعلم.
الشريعة الإسلامية لا يصفها الإنسان باليسر والسهولة من جراء ذوقه, ...كذلك شريعة الله لا يقيمها من عاش في بلد منحل, بعد عن دين الله, وبعد عن شريعة الله, فأراد تطويع الأدلة إرضاء للمجتمعات, وإرضاء للقوانين, وإرضاء للحكام ونسي أمر الله عز وجل.إن الحكم إلا لله سبحانه وتعالى, ولا يصح كذلك قول من يغلب جانب الأخذ بالعزائم والتشدد والتنطع ونحو ذلك, وأراد أن يأخذ بالعزائم على الإطلاق, حتى العزائم المقصودة بشريعة الله عز وجل, وهذا يقال: إنه موجود في كل عصر وفي كل مصر, فقد وجد من يريد خيرا بدين الله عز وجل, فخالف الأدلة وأخذ بالعزائم, كما كان بعض أصحاب رسول الله (ص), حينما جاءوا إلى رسول الله (ص) بحسن نية وحسن قصد, فأرادوا أن يأخذوا بالعزائم, فقالوا: لا نتزوج النساء, ونصوم ولا نفطر, ونقوم الليل, فقال النبي (ص): (أما أنا فأتزوج النساء, وأصوم وأفطر, وأقوم وأنام, ومن رغب عن سنتي فليس مني)"
وما سبق ينبغى الحكم بحكم الله وهو النص فلا فتوى إلا بنص من الوحى وإلا فلا يفتى المفتى أو يحيل إلى من هو أعلم منه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نقد كتاب العزائم والرخص
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» نقد كتاب كتاب الديوان في العهد النبوي
» نقد كتاب فصل الخطاب فى تحريف كتاب رب الأرباب
» نقد كتاب سيد الاستغفار
» نقد كتاب حكم حلق اللحية
» نقد كتاب الشيخوخة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات العرب لكل العرب :: الديني :: ********..::المنتدى الديني::..*********-
انتقل الى: